عمل المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة على مواجهة الخطر الجسيم والمتنامي للإرهاب، بسبل منها استحداث تدابير جديدة لمكافحة الإرهاب وتشديد التدابير القائمة. وتتخذ هذه التدابير أشكالًا عديدة، منها فرض جزاءات دولية وإقليمية ومحلية على الأفراد والجماعات والكيانات الأخرى. وتسعى هذه الجهود إلى تحقيق الهدفين المشروعين للأمن والسلم الدولي - وهما عنصران يقوضهما الإرهاب ويتعارض معهما - إلا أن هذه الجهود انطوت في الوقت نفسه على بعض التداخل والخلط بين القانون الدولي الإنساني من ناحية، والإطار القانوني والسياساتي الذي تستند إليه نظم مكافحة الإرهاب ونظم الجزاءات من ناحية أخرى، لا سيما عندما ينطبق كلاهما على العمل الإنساني القائم على المبادئ ويؤثر عليه. ويسلط المقال الضوء على هذا الموضوع باعتباره من المجالات التي تعاني من التداخل والخلط. فهو يتناول بالدراسة أولًا انطباق القانون الدولي الإنساني على تدابير وعمليات مكافحة الإرهاب. ومن ثم يعالج مسألة التطبيق المشترك للقانون الدولي الإنساني ولوائح مكافحة الإرهاب ونظم الجزاءات، من منطلق الحفاظ على القانون الدولي الإنساني دون عرقلة تدابير مكافحة الإرهاب والأهداف التي تسعى هذه التدابير إلى تحقيقها. ثم يتدارس المقال المسائل القانونية التي تظهر عندما تؤثر نظم الجزاءات وتدابير مكافحة الإرهاب على الأنشطة المقررة بموجب القانون الدولي الإنساني والأنشطة المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني التي تضطلع بها منظمات إنسانية غير متحيزة. وفي نهاية المطاف، يحلل المقال آخر التطورات ويقدم مقترحات تهدف إلى الحفاظ على حيز للعمل الإنساني الفعال في الحالات التي ينطبق فيها القانون الدولي الإنساني والأطر القانونية لمكافحة الإرهاب والجزاءات في الوقت نفسه.