IRRC No. 321

القانون الدولي الإنساني وفتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها

Reading time دقائق للقراءة 6
تنزيل PDF
يمكنك العثور على هذا أيضًا باللغة

Abstract
مقدمـــــــــة تمثل فتوى محكمة العدل الدولية المرة الأولى التي يتطلب فيها إلى قضاة هذه المحكمة أن يحللوا قواعد القانون الدولي الإنساني بقدر من التفصيل. ولم يترتب في حالات أخرى, في قضية نيكارواغوا مثلا, مثل هذا التحليل المفصل. من هنا فإن الفتوى تكتسب أهمية خاصة من حيث أنها تتضمن نتائج هامة عن الطابع العرفي لعدد من قواعد القانون الدولي الإنساني كما تتضمن إعلانات مهمة عن تفسير هذه القواعد وعلاقتها بالقواعد الأخرى. وقد أقام معظم القضاة قرارهم النهائي بشأن شرعية استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية على أساس تفسيرات غائبة للقانون, معتبرين أن الحق في الدفاع عن النفس هو أهم قيمة أساسية أو أن بقاء الحضارة والكوكب ككل له الأهمية القصوى. لسوء الحظ أن المجال هنا لا يسمح بالتعليق على هذه التحاليل البالغة الأهمية لأسس القانون الإنساني والغرض منه في النظام الدولي (1). لذلك فإنه بدلا من التركيز بالدرجة الأولى على استنتاج المحكمة بشأن شرعية استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية, سنتناول في هذا التعليق النتائج التي توصلت إليها المحكمة بشأن شرعية استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية إلا من وجهة نظر كيف أسهمت هذه النتائج في تفسير تلك القواعد. ولهذا الغرض, لن نقتصر على الإشارة إلى الفتوى نفسها, وإنما سنشير أيضا إلى مختلف الآراء المستقلة والآراء المنشقة. تعريف القانون الدولي الإنساني يؤمل أن ينتهي الجدل حول المعني الدقيق لهذا المصطلح, إذ أن الفتوى توضح أن هذا الفرع من القانون يتضمن القواعد المتصلة بتسيير الأعمال العدائية وكذلك القواعد التي تحمي الأشخاص الخاضعين لسلطة الطرف الخصم (2). وأقامت المحكمة فتواها في تحديد هذا التعريف على أساس اعتقاد سائد بشأن التطور التاريخي للقانون الإنساني, بأن القانون المتصل بتسيير الأعمال العدائية (المسمى " قانون لاهاي " ) بدأ نشأته في مجموعة من المعاهدات, بينما القانون الذي يحمي الضحايا (المسمى " قانون جنيف " ) قد تطور بصورة منفصلة في اتفاقيات جنيف, وان هذين الفرعين قد ترابطا معا في وقت لاحق في البرتوكولين الإضافيين لعام 1977 لكونا مجموعة قانونية واحدة. والواقع أنه لم يكن هناك مطلقا تمييز بين " قانون لاهاي " و " قانون جنيف " . إذ يتضح من القراءة الدقيقة لقانون ليبر لعام 1862 ومؤتمر بروكسل لعام 1874 والكتب القانونية الأولى أن " قوانين وأعراف الحرب " في تلك الفترة لم تتضمن أي قواعد لحماية الأشخاص الخاضعين لسلطة العدو, ولاسيما أسرى الحرب, وسكان الأراضي المحلة. وفي المقابل, تضمنت اتفاقيات جنيف جوانب القانون المتعلق بتيسير الأعمال العدائية, أي حظر مهاجمة الوحدات الطبية ,وأفراد المهن الطبية والأشخاص الذين لا يشاركون في القتال بسبب المرض أو الجروح (وهذا العنصر الثاني هو أحد عناصر القاعدة العرفية التي تقضي بالإبقاء على حياة العدو). لذلك, فإن أثر البرتوكولين الإضافيين لعام 1977 لم يكن إيجاد مجموعة موحدة للقانون الإنساني تتضمن هذين العنصرين للمرة الأولى, وإنما إزالة التمييز الذي كان دائما اصطناعياً وخاطئاً. فالقانون الدولي الإنساني إنما هو مجرد مصطلح حديث يعبر عن " قانون الحرب " . الطابع العرفي لمعاهدات القانون الإنساني أعادت المحكمة تأكيد الطابع العرفي لاتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 ولائحتها, واتفاقيات جنيف لعام 1949, واتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وقد فعلت ذلك بالإشارة, مع الموافقة, إلى بيان بهذا المعنى تضمنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة قدم بناء على قرار مجلس الأمن رقم 808 (1993) (3) , والي نطاق الانضمام إلى هذه المعاهدات, إلى حقيقة أن شروط نقضها لم تستخدم مطلقاً وخلصت المحكمة إلى أن " هذه القواعد تبين ما يتوقع من الدول من تصرف وسلوك " (4) . وفيما يتعلق بالبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977, ذكرت المحكمة أن " جميع الدول ملتزمة بهذه القواعد..., التي كانت عند اعتمادها مجرد تعبير عن القانون العرفي الذي كان قائما قبلها " (5) . ولا يعطي هذا البيان سوى دليل بسيط على الطابع العرفي للقواعد الواردة في هذا البروتوكول بخلاف القواعد التي علقت عليها المحكمة على وجهة التحديد في أجزاء أخرى من الفتوى. بيد أنه تجدر الإشارة إلى أن قواعد المعاهدات يمكن أن تُصبح عرفية بعد اعتماد المعاهدة, ويفترض أن المحكمة لم تكن تقصد استبعاد إمكانية حدوث ذلك بالنسبة لبعض أحكام البروتوكول. القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني ذكرت الفتوى عدداً من " المبادئ الأساسية " ... التي تشكل نسيج القانون الإنساني " , وهي مبدأ التمييز, وحظر استخدام الأسلحة العشوائية, وحظر تسبيب معاناة المقاتلين بلا ضرورة, وأن الدول لا تملك حقا غير محدود لاختيار الوسائل في الأسلحة التي تستخدمها (6). مبدأ التمييز ذكرت المحكمة أن هذا المبدأ " يستهدف حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية ويقيم التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين " (7). ونظراً لأن الفتوى عنيت بمسألة شرعية استخدام الأسلحة النووية, فإن هذا البيان لم ينظر فيه إلا من حي ث تأثيره في استخدام أسلحة محددة. بيد أنه من المهم أن المحكمة أكدت من جديد أن هذا " مبدأ أساسي " من مبادئ القانون الإنساني نظراً لأن هذا الحكم لم يرد في شكل تعاهدي إلا في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول. وتنشأ قواعد كثيرة من هذا المبدأ تتراوح بين قواعد تحدد مركز المقاتل وغير المقاتل وحظر تجويع السكان المدنيين. حظر استعمال الأسلحة العشوائية الأثر لاشك أن هذه هي أهم قاعدة ذات صلة بالقضية موضع البحث وقاعدة لم تحلل بالتفصيل في دعوى أمام المحكمة حتى الآن (8). ويمكن أن تسبب علاقة هذه القاعدة بمبدأ التناسب اللبس بسهولة, ولذلك لابد من توخي الاهتمام عند محاولة تقييم الأسلوب الذي فسرت به أغلبية القضاة هذه القاعدة. ولم يقتص الأمر على أن المحكمة ككل تعتبر هذه القاعدة قاعدة عرفية, فقد اعتبرها القاضي البجاوي أنها قاعدة آمرة(9) وذكر القاضي غيوم أنها قاعدة مطلقة (10). وقد أدرجت المحكمة هذه القاعدة في الفتوى على النحو التالي: " يجب على الدول ألا تجعل المدنيين هدفاً للهجوم مطلقاً ولابد بالتالي ألا تستخدم الأسلحة التي لا تستطيع التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية (11). وهكذا ساوت المحكمة بين استخدام الأسلحة العشوائية الأثر والهجوم المتعمد على المدنيين. وأهمية هذا البيان ليست بحاجة إلى تأكيد. فأولا من المهم تأكيد حظر الأسلحة العشوائية الأثر باعتباره قاعدة عرفية, نظراً لأن النص التعاهدي الوحيد لحظر الهجمات العشوائية لا نجده إلا في البروتوكول الإضافي الأول الذي لم تصدق عليه جميع الدول بعد, وفي تلك المعاهدة فقط يوجد بيان عام لأنواع الأسلحة التي تحظرها هذه القاعدة. ثانياً فإنه بناء على منطق المحكمة يعني الحظر المفروض على مهاجمة المدنين عن قصد, الموجود في البروتوكول الإضافي الثاني, تلقائياً, أنه لا بد من الامتناع عن استخدام الأسلحة العشوائية في المنازعات المسلحة غير الدولية التي ينطبق عليها ذلك البرتوكول. ثالثاً فإن هذا البيان يعني أن أي سلاح يمكن إخضاعه للتحليل على أساس هذه المعايير وإذا اتضح أنه يعتبر انتهاكا لها, فإنه يحظر استخدامه دون أن تكون هناك حاجة لي معاهدة خاصة أو ممارسة أو حتى ممارسة لإحدى الدول تحظر استخدام ذلك السلاح المعين. ولم تذكر المحكمة أن الشرعية في أي حالة بعينها تعتمد على تقدير الدول لما إذا كان السلاح المعني يتفق مع القاعدة, ولكنها أوضحت أن المحكمة لديها الحق في أن تصدر الحكم نفسها. يبقى أن نبحث ما الذي قصدته المحكمة على وجه التحديد بقولها " غير قادر على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية " . وواضح أن أي سلاح باعتباره غير عاقل لا يستطيع بنفسه أن يحقق هذا التمييز. نظراً لأن هذه العملية تتطلب تفكيراً. وصياغة البروتوكول الإضافي الأول أدق في هذا الصدد. والحكم ذو الصلة هو المادة 51, حيث تصف الفقرتان الفرعيتان باء وجيم من الفقرة 4 من هذه المادة خصائص أساليب ووسائل القتال العشوائية على النحو التالي: " (ب) لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد; أو (ج) ... لايمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول, ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب في كل حالة كهذه, الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز " . ويعتقد المؤلف أن هذا هو التعريف الوحيد الموجود في معاهدة قائمة لـ " السلاح العشوائي " . ويقدم البروتوكول إمكانيتين, أي منهما تجعل السلاح غير مشروع. ويمكن أن تنطبق على أي من الإمكانيتين أو على كليهما العبارة المستخدمة في الفتوى وهي أن السلاح " غير قادر على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية " . وقد يقال أن الأسلحة النووية لا تنتهك المعيار الأول, أي أنه يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد, إذا كان المراد في الواقع الإشارة إلى دقة نظام إيصال السلاح إلى الهدف. ويبدو أن ثلاثة قضاة قرروا أن الأسلحة النووية ليست بالضرورة عشوائية بطبيعتها باستخدام المعيار الأول. ومن بين هؤلاء القضاة حاولت القاضية هيغنز فقط في رأيها المعارض أن تقدم تعريفا للأسلحة العشوائية على النحو التالي: " يمكن استنتاج أن السلاح يكون غير مشروع بذاته إذا كان من غير الممكن توجيهه إلى هدف عسكري فقط " , حتى في حالة وجود أضرار جانبية " (12) . وبتطبيق ذلك على الأسلحة النووية قالت: " على الرغم من الخصائص الفريدة والفائقة التدمير التي تتسم بها جميع الأسلحة النووية, فإن ذلك المصطلح نفسه يغطي مجموعة متنوعة من الأسلحة غير المتجانسة في تأثيراتها. وبالقدر الذي يكون فيه سلاح نووي محدد غير قادر على هذا التمييز, يصبح استعماله غير مشروع " (13) . ولم يضف القاضي غيوم كثيراً إلى التعريف الذي قدمته المحكمة ولم يقدم أي أسباب لاستنتاجه فيما يتعلق بالأسلحة النووية في رأيه المستقل على النحو التالي: ... " لا يتضمن القانون العرفي إلا حظراً مطلقاً واحداً: هو التعريف المتعلق باستخدام ما يسمى الأسلحة " العمياء " التي لا يمكنها التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية. لكن من الواضح أن الأسلحة النووية لا تقع بالضرورة ضمن هذه الفئة " (14) . أما القاضي الثالث, وهو نائب رئيس المحكمة شفيبل فقد سلم بوجود صعوبة ما: " بينما لا يصعب استنتاج أن مبادئ القانون الإنساني – التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية – تحكم استخدام الأسلحة النووية, فإن ذلك ليس معناه أن تطبيق تلك المبادئ ... أمر سهل " (15) . غير أن القاضي شفيبل عندما تناول مختلف أنواع الاستخدام وأي منها يكون مشروعاً وأي منها غير مشروع, اتضح أنه هو أيضا قرر أن الأسلحة النووية ليست عشوائية بطبيعتها. والاختبار الثاني في الفقرة 4 من المادة 51 من البروتوكول يجعل السلاح غير مشروع إذا " لم يمكن قصر آثاره على النحو الذي يقتضيه هذا البرتوكول " , وهو ما يعني افتراضاً, ولا سيما في ضوء العبارة الأخيرة من الفقرة, أن الآثار لا تنتهك مبدأ التمييز على نحو آخر. ما معنى ذلك؟ يمكن أن يكون أحد الفروض المعيار الآخر " للهجمات العشوائية " الموجود في الفقرة 5 من المادة 51, الذي يمكن ترجمته في الواقع في مبدأ التناسب (الفقرة الفرعية ب) وحظر قصف المناطق (الفقرة الفرعية أ). وكلاهما من قواعد القانون العرفي المسلم بها. وعلى الرغم من أن الأمر ليس مستحيلاً فإن يصعب جداً استخدام التناسب لاختبار ما إذا كان سلاح ما غير عشوائي بطبيعته. ول عمل ذك لن, يتعين أن نقرر مقدما أن أي استخدام للسلاح المعني سوف يؤدي إلى إصابات في المدنين أو أضرار مدنية ستكون مفرطة بالنسبة لأي هدف عسكري يمكن مهاجمته باستخدام ذلك السلاح. وبقدر ما يتعلق الأمر بحظر قصف المناطق, يصعب استخدام هذه القاعدة, وفقا لصيغتها الموجودة في البروتوكول, كاختبار, نظرا لأن كلمات الفقرة 5 (أ) من المادة 51 تفترض مسبقاً نية الهجوم على عدة أهداف عسكرية متميزة في منطقة آهلة بالسكان مع معاملتها وكأنها هدف واحد. ولا يمكن افتراض ذلك عند البت في طبيعة أي سلاح بعينه, نظراً لأن أحد الاستخدامات المخططة للسلاح قد يكون مهاجمة هدف عسكري واحد بعيداً عن تجمع مدني. والافتراض الثاني, الذي يفضله المؤلف, ليس محاولة إيجاد الرد في أجزاء أخرى من المادة 51 من البرتوكول, ولكن بالأحرى البت في أساس المعني الرئيسي لمبدأ التمييز. ويفترض هذا المبدأ مسبقا اختيار الأهداف والأسلحة من أجل تحقيق غرض معين يعتبر مشروعاً بموجب القانون الإنساني ويراعي الاختلاف بين الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية من جانب, والمقاتلين والأهداف العسكرية من جانب آخر. وهذا يتطلب تخطيطاً وقدرا كافياً من وضوح الرؤية المسبقة لآثار الهجمات. والواقع أن مبدأ التناسب نفسه يتطلب تقييم الآثار قبل الهجوم. ولا يمكن تحقيق أي شئ من ذلك إذا كان السلاح المعني له آثار لا يمكن التنبؤ بها بالمرة, لأنها على سبيل المثال تعتمد على تأثير الطقس. ويفترض أن الاختبار الثاني " للأسلحة العشوائية " يقصد به أن يغطي مثل هذه الحالات, حيث يرجح أن يأخذ السلاح " مساره الخاص " , حتى إذا تم توجيه بدقة وإذا كان يعمل بطريقة سليمة, وأن يصيب المدنيين والمقاتلين عشوائيا بدرجة كبيرة (16) . ونعود الآن إلى التقييم الذي نصت عليه الفتوى والتقييم الذي قدمه القضاة الآخرون, فنجد أنه من الواضح أن استنتاجات المحكمة بشأن طبيعة الأسلحة النووية أصبحت أساسية لاتخاذ قرار بشأن الطابع العشوائي لهذه الأسلحة. وعلى أساس الأدلة العلمية الغزيرة التي قدمت إلى المحكمة, قررت المحكمة في الفتوى ما يلي: " لدى تطبيق هذا القانون على الحالة المعروضة,... لا يمكن للمحكمة أن تغفل خصائص فريدة معينة تتسم بها الأسلحة النووية.... .. فالأسلحة النووية أجهزة متفجرة تن تج طاقتها من اندماج أو انشطار الذرة. ولا تطلق هذه العملية, بطبيعتها, ... كميات هائلة من الحرارة والطاقة وحسب, ولكن أيضا إشعاعات قوية وطويلة الأمد.. وهذه الخصائص تجعل الأسلحة النووية تنطوي على آثار مأساوية. ولا يمكن احتواء القوة التدميرية التي للأسلحة النووية لا من حيث الحيز ولا من حيث الزمن. إن لها القدرة على تدمير الحضارة كلها والنظام البيئي بأكمله على الكوكب. إن من شأن الإشعاع المنطلق من التفجير النووي أن يؤثر في الصحة والزراعة والموارد الطبيعية والديموغرافيا في مساحة بالغة الاتساع. كما أن استخدام الأسلحة النووية سيشكل خطراً شديداً على الأجيال القادمة. والإشعاع المؤين له القدرة على الإضرار في المستقبل بالبيئة والغذاء والنظام البيئي البحري وإحداث عيوب وراثية وأمراض في الأجيال القادمة (17) . وقد قيمت المحكمة في فتواها مشروعية الأسلحة النووية على النحو التالي: " بالنظر إلى الخصائص الفريدة للأسلحة النووية, التي أشارت إليها المحكمة آنفاً, فإنه يبدو أنه لايمكن إلا بصعوبة بالغة التوفيق بين استخدام مثل هذه الأسلحة واحترام هذه المتطلبات. ومع ذلك, فإن المحكمة تعتبر أنه لا يتوافر لديها عناصر كافية تمكنها من أن تستنتج بشكل مؤكد أن استخدام الأسلحة النووية يخالف بالضرورة مبادئ وقواعد القانون المنطبق في النزاع المسلح في أي حال " (18) . ونظراً لأن المحكمة وجدت أنه " لايمكن احتواء قوة الأسلحة النووية سواء من حيث الحيز أو الزمان " , فإن الجملة الثانية من هذا الاستنتاج تبدو مستغربة إلى حد ما. غير أن المؤلف يرى أنه قد يكون من الأنسب النظر إلى الجملتين على أنهما تمثلان وجهتي النظر المختلفتين ولا تمثلان فكراً واحداً. وقد سبقت الإشارة إلى القضاة الثلاثة الذين ذكروا صراحة أو ضمناً أن الأسلحة ليست بالضرورة عشوائية الطابع ( وإن كان اثنان منهم قد انشقا على الفتوى). وذكر ثمانية قضاة (ثلاثة منهم انشقوا على الفتوى) أن استخدام أي نوع من الأسلحة النووية من شأنه أن ينتهك قواعد القانون الإنساني, واعتمدوا في ذلك بالدرجة الأولى على الطابع التدميري البالغ لهذه الأسلحة, ولاسيما الإشعاع الذي يؤثر في المدنيين والمقاتلين على السواء على نحو لايمكن السيطرة عليه. وتجدر الإشارة بوجه خاص إلى آراء ثلاثة من القضاة الذين صوتوا تأييدا للفتوى: ذكر القاضي فليشهاور أن " السلاح النووي هو من عدة نواح إنكار للاعتبارات الإنسانية التي تكمن وراء القانون المنطبق في النزاع المسلح... فالسلاح النووي لا يمكنه التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية " (19) . ووجد الرئيس البجاوي أنه " يبدو أن الأسلحة النووية – على الأقل في الوقت الحاضر – ذات طباع يجعلها تصيب الضحايا بطريقة عشوائية, وتخلط بين المقاتلين وغير المقاتلين.... والسلاح النووي سلاح أعمى, ولذلك فإن بطبيعته يقوض القانون الإنساني, وهو القانون المعني بالتمييز في استخدام الأسلحة " (20) . وكتب القاضي هيرشغ أن " المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني, التي أبرزت عن حق في استنتاجات الفتوى, تحظر بشكل قاطع لا لبس فيه استخدام أسلحة التدمير الشامل , التي تشمل الأسلحة النووية " (21). وإذا نحينا جانباً الأساليب التي تكمن وراء الطريقة التي صيغت بها الفتوى واعتمدنا على بيانات القضاة أنفسهم, سنجد أن الأغلبية وجدت أن الأسلحة النووية عشوائية في طابعها; وهم لم يفعلوا ذلك من حيث إمكانية التحديد الأولى لهدف أي نظام للأسلحة النووية, ولكن بسبب آثارها المهلكة التي لايمكن السيطرة عليها مما يجعل من غير الممكن التمييز على نحو سليم بين الأهداف المدنية والمدنيين من ناحية, والأهداف العسكرية والمقاتلين من ناحية أخرى. وسيكون التفسير على هذا النحو مفيدا لتقييم الأسلحة الأخرى (22) . مبدأ التناســــــب هذه القاعدة تتصل بادئ ذي بدء بالسلاح المشروع, على أن يكون الهدف المختار للهجوم هدفا عسكريا في إطار معني القانون الإنساني. وهي تحظر الهجوم إذا كانت الإصابات الجانبية المتوقعة مفرطة بالمقارنة مع قيمة الهدف العسكري. ومن الغريب أن الفتوى لم تشر بشكل مب اشر إلى هذا القاعدة, لكن قضاة عديدين أكدوا طابعها العرفي. واستند القضاة هيغنز وشفيبل وغيوم إلى هذا المبدأ في قولهم أن الآثار الجانبية للأسلحة النووية قد تكون غير مفرطة في حالات معينة. واتسمت تصريحات القاضية هيغنز والقاضي غيوم بتقييد أكبر في هذا الصدد فذكرا أن الأضرار التي تسببها الأسلحة النووية كبيرة لدرجة أن الأضرار الجانبية تكون غير مفرطة فقط في الأحوال القصوى التي يكون فيها الهدف العسكري بالغ الأهمية. غير أنهما لم يقدما أمثلة محددة لأنواع الأهداف, وإن كانت القاضية هيغنز قد تحدثت عن الأحوال الضرورية على النحو التالي: " أن تكون " الميزة العسكرية " متصل ببقاء الدولة نفسه أو تجنب وقوع معاناة واسعة النطاق وشديدة (سواء بسلاح نووي أو بأسلحة أخرى من أسلحة التدمير الشامل) بين سكانها, ولا توجد وسيلة أخرى متاحة للقضاء على هذا الهدف العسكري " (23) . أما نائب الرئيس شفيبل, فقد ساق الأمثلة الشائعة عن الجيش في الصحراء أو الغواصة في المحيط, وقد تكون مهاجمة هذه الأهداف متناسبة لأن الإشعاع لن يؤثر في كثير من الناس(24). ومن ناحية أخرى, اعترف بأنه على الرغم من أنه قد تكون هناك حالات محددة لا تنتهك فيها قاعدة التناسب فإن استخدام الأسلحة النووية لن يكون متفقا في معظم الحالات مع القانون (25). غير أن قضاة آخرين لم يشيروا إلى مبدأ التناسب أو اعتبروه غير ذي صلة بالقضية نظراً لأنهم اعتبروا الأسلحة النووية عشوائية الطابع (26). حظر استخدام الأسلحة التي تسبب معاناة غير ضرورية أو أذى مفرطاً مما يبعث على الرضا أن المحكمة وصفت القاعدة العرفية التي تقضي بحماية المقاتلين من أسلحة معينة بأنها مبدأ أساسي, نظراً لأن المجتمع الدولي اكتفى على مدى العقود الأخيرة بالكلمات في هذا الشأن, مركزا على حماية المدنيين. ومؤلف هذه المقالة على علم واسع بالجهود التي تطلبها اعتماد حظر أسلحة الليزر المسببة للعمى مؤخرا (27), ويؤمل أن تؤدي هذه المعاهدة الجديدة إلى جانب الرأي الذي أعلنته المحكمة إلى إعادة التأكيد على وجود هذه القاعدة. وفيما يتعلق بالتفسير الفعلي للقاعدة, تذكر الفتوى أنه " بناء على ذلك يحظر استخدام الأسلحة التي تسبب ] للمقاتلين[ قدرا من الأذى أو تزيد من شدة معاناتهم بلا فائدة... أكبر من القدر الذي لا يمكن تجنبه لتحقيق الأهداف العسكرية المشروعة " (28). وكما هو الحال في مبدأ التناسب, يتطلب ذلك إجراء تقييم في ضوء الأحوال المختلفة. ولتبرير إحداث هذه المعاناة للجنود, أشار القاضي غيوم والقاضية هيغنز إلى نفس الأحوال القصوى التي ذكراها فيما يتعلق بالتناسب في الإصابات والأضرار المدنية الجانبية. غير أن هناك مشكلة مع هذا النهج تتمثل في أنه على خلاف حالة التناسب, تفترض قاعدة المعاناة غير الضرورية مسبقا تقييما عاما بشأن مشروعية السلاح المعني. فإذا لم ينجح السلاح في الاختبار, فإنه لايمكن استخدامه بالمرة. ومن الناحية النظرية, يمكن إجراء تقييم لأي استخدام, لكن ذلك غير واقعي بالمرة وهو ما لم يحدث في الواقع. ولم يتم الاتفاق من ناحية المبدأ بعد على ما إذا كان ينبغي أن يجرى التقييم على أساس الغرض المزمع " العادي " من السلاح, أو على أساس أي استخدام يمكن تصوره. وقد حظرت في الماضي أسلحة محددة في الواقع على أساس الاستخدام المزمع العادي, لأنه إذا كان هناك إصرار على الاختبار الآخر, فإنه لن يتم على الأرجح حظر أي سلاح (29). وهناك عنصر آخر يأخذ طابع الاختبار المطلق هو البيان الوارد في إعلان سان بطرسبورغ في 1868 الذي ينص على أن الأسلحة التي تجعل الموت حتميا تتجاوز ضرورات الحرب. ولم يشر إلى ذلك إلا القاضية هيغنز (30), لكنها لم تستطرد لتقييم الأسلحة النووية على أساس هذا الاختبار وقدمت الفتوى التقييم نفسه تماماً الذي أجرته لمبدأ التمييز, أي أن استخدام الأسلحة النووية " لا يمكن إلا بصعوبة " توفيقه مع المبدأ, لكن المحكمة لا تستطيع أن تقرر ذلك بصورة محددة بالنسبة لجميع الأحوال (31). إن معظم القضاة لم يتحفظوا كثيراً وقدموا تقييماً عاماً. فالقاضي فليشهاور قال إن مثل هذه " المعاناة غير المحدودة " تعد " إنكاراً للاعتبارات الإنسانية التي تكمن وراء القانون المنطبق في النزاع المسلح " (23). وذكر الرئيس البجاوي أن هذه الأسلحة " تسبب " علاوة على ذلك, معاناة غير ضرورية (33), وقال القاضي هيرزغ إن المبادئ الإنسانية للقانون الدولي الإنساني تحظر استخدام الأسلحة النووية (34). أما القاضي شهاب الدين فقد اعترف في رأيه المعارض بأن هذه القاعدة تقتضي إيجاد توازن بين الضرورة العسكرية ومعاناة ال مقاتلين, وأنه كلما زادت الميزة العسكرية كلما زاد الاستعداد لقبول مستويات أعلى من المعاناة. غير أن الوعي العام استطاع في بعض الحالات أن يعتبر أنه لا توجد ميزة عسكرية متصورة يمكن أن تبرر المعاناة, كما كان الحال مثلاً بالنسبة للغازات السامة, التي كان يمكن أن يقال إن لها قدراً من الفائدة العسكرية. وقال القاضي شهاب الدين إنه ينبغي توسيع المبدأ ليشمل معاناة المدنيين أثناء الضرر الجانبي الذي يكون مشروعاً على نحو آخر لكن حتى إذا اقتصر المبدأ بدقة على العسكريين, فإنه كان بوسع المحكمة أن تقرر أن استخدام الأسلحة النووية ينتهك هذه القاعدة (35). وقد ذكر القاضي كوروما, بعد أن وصف آثار الأسلحة النووية في هيروشيما وناغازاكي وجزر مارشال, أن الآثار الإشعاعية كانت أسوأ مما تسببه الغازات السامة, " إن النتائج المذكورة التي توصلت إليها المحكمة كان ينبغي أن تدفعها إلى أن تستنتج بلا تردد أن أي استخدام للأسلحة النووية غير مشروع بموجب القانون الدولي (36). وكان القاضي ويرامانتري أشد حزماً: " إن الحقائق ... أكثر من كافية لتقرير أن السلاح النووي يسبب معاناة غير ضرورية تتجاوز كثيرا أغراض الحرب " (37). حظـر السـم أشارت فتوى المحكمة إلى إعلان لاهاي لعام 1899, والمادة 23 (أ) من لائحتي لاهاي لعام 1899 وعام 1907, والي برتوكول جنيف بشأن الغازات السامة, لكنها ذهبت إلى القول بأن هذه الصكوك لا تغطي الأسلحة النووية لأن ممارسة الدول أظهرت أن هذه المعاهدات غطت أسلحة تأثيرها الأساسي أو الوحيد هو التسميم أو إحداث الاختناق. والحقيقة أن هذا غير صحيح تماماً, لأن من المقبول منذ زمن بعيد أن السهام المسممة أو الطلقات المسممة مشمولة بهذا الحظر على الرغم من أن السم ليس هو أسلوب الإصابة الرئيسي. ومن المؤسف أن المحكمة تعاملت مع حظر السم في سياق القانون التعاهدي وحده. ولو أنها نظرت في الحظر في ضوء القانون العرفي أيضاً, لاعترفت بغرض هذا الحظر العرفي, وهو أن السم يمنع احتمال شفاء الجنود المصابين. ومن المؤكد أن هذا الاعتبار ذو صلة بتقييم الأسلحة النووية. وقد قرر القاضيان ويرامانتري (38) و كوروما (39) فقط في آرائهما المعارضة أن الأسلحة النووية محظورة أيضاً لأن أحد آثارها الرئيسية أيضاً هو التسميم. شرط مارتنز هذا حكم وارد في معاهدات القانون الإنساني على جانب كبير من الأهمية, لكن تفسيره الدقيق يخضع لتباين كبير. لقد وضع هذا الشرط أصلاً في ديباجة اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1899 وعام 1907, ودخل بعد ذلك في صلب نص البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 وفي ديباجة البروتوكول الثاني. وينص شرط مارتنز على أنه في حالة عدم وجود قاعدة معينة في القانون التعاهدي, يظل المحاربون " في حمى وتحت سلطة " القانون العرفي, ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام. وهناك جدل حول ما إذا كانت " مبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام " مقاييس مستقلة وملزمة قانوناً يمكن بها في القانون قياس سلاح أو نوع معين من السلوك, أم أنها مبادئ أخلاقية (49). لذلك من المهم أن المحكمة أكدت أهمية شرط مارتنز, " الذي لايمكن الشك في استمرار وجوده وقابليته للتطبيق " (41), وذكرت أنه " أثبت أنه وسيلة فعالة لمواجهة التطور السريع في التكنولوجيا العسكرية " (42) . وعلى هذا الأساس أكدت المحكمة أن المبادئ الأساسية للقانون الإنساني تظل منطبقة على جميع الأسلحة الجديدة, بما فيها الأسلحة النووية, وذكرت أنه لا توجد دولة تجادل في ذلك (43). وأورد القاضي شهاب الدين تفاصيل أكبر. فقد ذكر أن شرط مارتنز لا يقتصر على تأكيد القانون العرفي, لأن ذلك غير ضروري, وإنما سمح بمعالجة مبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام باعتبارها مبادئ للقانون الدولي ينبغي التأكيد عليها في ضوء الأحوال المتغيرة. واستشهد بمحكمة الولايات المتحدة العسكرية في نورمبرغ في قضية كروب في عام 1948, التي ذكرت عن شرط مارتنز أنه: " أكثر من إعلان ورع. إنه شرط عام, يجعل العادات المستقرة بين الأمم المتحضرة, وقوانين الإنسانية وما يمليه الضمير العام جزءاً من المقاييس القانونية التي يجب تطبيقها إذا لم وعندما لا تغطي أحكام الاتفاقية المحددة حالات معينة... " وأشار القاضي شهاب الدين إلى أن المحكمة استخدمت " الاعتبارات الأولية للإنسانية " كأساس لحكمها في قضية قناة كورفو. واستنتج أنه فيما يتعلق بالأسلحة النووية, فإن المخاطر المرتبطة بها تعني أن استخدامها غير مقبول في جميع الأ حوال (44). وذكر القاضي ويرمانتري أن " شرط مارتنز يبين بوضوح أنه توجد وراء هذه المبادئ المحددة التي تمت صياغتها بالفعل مجموعة من المبادئ العامة الكافية لتطبيقها على الأوضاع التي لم يسبق تناولها.. " . ومضى يقول إن انتهاك المعايير الإنسانية أكثر تطوراً الآن مما كان عليه الحال عندما وضع شرط مارتنز, ولا سيما تطور قانون حقوق الإنسان والحساسية فيما يتعلق بضرورة المحافظة على البيئة. وهذه المبادئ " أصبحت الآن متعمقة في البشرية بحيث أصبحت قواعد أساسية بوجه خاص في القانون الإنساني العام " (45). ومن رأي المؤلف الخاص أن تقييم القاضيين شهاب الدين وويرمانتري صحيح تماماً, وأن المرء يمكن أن يتقدم خطوة أخرى إلى الأمام ليؤكد أن تأثير شرط مارتنز هو قلب الافتراض التقليدي للقانون الدولي. ولا يمكن أن نقول في القانون الإنساني إن ما لم يحظر صراحة في المعاهدات أو العرف يكون مباحاً, لأن مبدأ الإنسانية وما يمليه الضمير العام يمثلان عوامل تقييدية قانونية. ولاشك أن هذه العوامل هي التي منعت الدول في الواقع من استخدام الأسلحة النووية منذ عام 1945, لأنه ما لمن شك في أن هناك وصمة قوية مرتبطة باستخدامها (46). التهديد بانتهاك قواعد القانون الإنساني كانت فتوى المحكمة صريحة ومباشرة في سياق التهديد باستخدام أسلحة غير مشروعة: " إذا كان من شأن استخدام مزمع للأسلحة ألا يفي بمتطلبات القانون الإنساني, فإن التهديد بهذا الاستخدام يكون مناقضاً للقانون " (47). لم يعارض أي قاض ذلك على الرغم من أنه يبدو أن ممارسة الدول منذ عام 1945 لم تفعل سوى ذلك, أي عدم استخدام فعلي للأسلحة النووية مع أن سياسة الردع تقوم على هذا التهديد. ولا توجد أي إشارة إلى الأساس الذي يقوم عليه هذا البيان. هل هو مبدأ قانوني عام ينطبق على معظم النظم القانونية الوطنية؟ أم أن البيان يقوم على المنطق أو ما يشجع على احترام القانون؟ هل هذا يعني أن التهديد بانتهاك أي قاعدة من قواعد القانون الإنساني غير مشروع أيضاً في حد ذاته؟ وهل هذا التهديد يعتبر انتهاكاً جسيماً إذا كان ارتكاب الفعل نفسه انتهاكاً جسيماً؟ إن القانون الإنساني لا يحظر صراحة بعض التهديدات, على سبيل المثال التهديد بالهجوم على السكان المدنيين بهدف أساسي هو إشاعة الذعر (48), أو التهديد بعدم الإبقاء على أحياء (49). ولا تعطي الفتوى جواباً واضحاً في الحقيقة, ولكن إذا كان الجواب بنعم فإن الأثر يكون بعيد المدى وسيكون من الزائد أن نضيف التهديدات إلى نص أي معاهدة (ما لم يكن ارتكاب الفعل نفسه غير مشروع – لا مجرد أمر مرجح). العلاقة بين القانون الدولي الإنساني وقواعد القانون الدولي الأخرى استعرضت المحكمة عدداً من قواعد القانون الدولي, ولكننا سنقتصر لأغراض هذا التعليق على ثلاث قواعد: قانون حقوق الإنسان, وقانون البيئة,وقانون الدفاع عن النفس. قانون حقوق الإنسان أشارت المحكمة إلى أن المدافعين عن عدم مشروعية الأسلحة النووية يقولون إن هذه الأسلحة تنتهك الحق في الحياة الذي تضمنه المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, بينما يقول آخرون إن استخدام الأسلحة النووية لم يشر إليه مطلقا في ذلك الصك, الذي صمم لتطبقه في زمن السلم. وقد أكدت المحكمة أن قانون حقوق الإنسان يظل واجب التطبيق في وقت الحرب لكنها ذهبت لتبين أهمية القانون الإنساني: " من حيث المبدأ, ينطبق الحق في عدم الحرمان من الحياة بطريقة تعسفية في الأعمال العدائية أيضا. غير أن اختبار ما هو الحرمان التعسفي من الحياة يتعذر تحديده بواسطة القواعد الخاصة المنطبقة, وهي القانون المنطبق في النزاع المسلح, المصمم لتنظيم تسيير الأعمال العدائية " (50). إنه بيان بالغ الأهمية, لأنه يعني أنه يجب استخدام القانون الإنساني لتفسير أي قاعدة لحقوق الإنسان. وعلى العكس, فإنه يعني أيضاً, على الأقل في سياق تسيير الأعمال العدائية, أنه لايمكن تفسير قانون حقوق الإنسان على نحو يخالف القانون الإنساني. وعلى الرغم من أن ذلك مفهوم تماماً في سياق الحرمان التعسفي من الحياة (وهي صياغة مبهمة في قانون حقوق الإنسان, بينما يزخر القانون الإنساني بقواعد هادفة لحماية الحياة بقدر الإمكان في النزاع المسلح (51)), فإن اقل وضوحاً ما إذا كان مناسباً أيضاً لقواعد حقوق الإنسان التي تحمي الأشخاص الواقعين تحت سيطرة سلطة ما, وهذا هو الحال بصفة خاصة عندما يتعلق الأمر بمجموعة قواعد تعاهدية ل حقوق الإنسان تطبق نص معاهدة ما. ويبدو أن الممارسات السائدة حتى الآن, ولا سيما في اللجنة الأوروبية ومحكمة حقوق الإنسان توضح أن هذه المجموعات من القواعد تطبق نصوص حقوق الإنسان في إطارها الخاص (52). قانــون البيئـة من المهم بدرجة كبيرة أن المحكمة أقرت وجود القانون البيئي العرفي: " إن وجود التزام عام على الدول بضمان احترام الأنشطة الجارية في إطار ولايتها أو سيطرتها لبيئة الدول الأخرى أو المناطق الواقعة خارج السيطرة الوطنية, يشكل الآن جزءا من القانون الدولي المتصل بالبيئة " (53). وفيما يتصل بعلاقة ذلك بالقانون الدولي الإنساني مضت المحكمة لتقول إن معاهدات القانون البيئي لا يمكن أن يقصد بها حرمان الدول من ممارسة حقها في الدفاع عن النفس, لكن " يجب على الدول أن تأخذ الاعتبارات البيئية في الحسبان عند تقييم ما هو ضروري ومتناسب في تنفيذ الأغراض العسكرية المشروعة " (54). وليس من الواضح تماماً إذا كانت هذه الإشارة إلى " الضرورة والتناسب " تشير إلى القيود الأكثر عمومية الكامنة في سياق قانون الدفاع عن النفس, أو إلى مبدأ تناسب الضرر الجانبي في إطار القانون الإنساني. فإذا كان الأمر يتعلق بالقانون الإنساني, فإن ذلك يعني في الواقع أن " البيئة " هي " شئ مدني " . وأنه يتعين التخلي عن الهجوم على هدف عسكري إذا كان تأثيره في البيئة يتجاوز قيمة الهدف العسكري. وهناك الكثير مما يدفع إلى تأييد هذا الرأي, ليس في صيغة فتوى المحكمة وحسب, ولكن أيضاً في سياق النصوص التي صدرت مؤخراً عن القانون الإنساني والبيئة (55). وهذا يعني أنه ليس من السهل القول بأن قاعدة التناسب لا تنتهك على أساس واحد هو أن الهجمات وقعت في أماكن قليلة السكان أو غير مأهولة. وقد أشارت المحكمة مع الموافقة أيضاً إلى قرار الجمعية العامة 47/37 المؤرخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1992 بشأن حماية البيئة في أوقات النزاع المسلح, إذ ذكرت " أنها تؤكد وجهة النظر العامة بأن تدمير البيئة الذي لا تبرره الضرورة العسكرية والذي يتم بصورة متعمدة يتعارض بوضوح مع القانون الدولي القائم " (56). ومن ناحية أخرى, فبقدر ما يتعلق الأمر بالفق رة 3 من المادة 35 والمادة 55 من البروتوكول الإضافي الأول, ذكرت المحكمة أن هاتين القاعدتين توفران حماية إضافية وتشكلان " قيوداً قوية بالنسبة لجميع الدول التي التزمت بهذه الأحكام " (75). ويبدو أن ذلك يبين أن هذه الأحكام لا تزال تشكل قانونا تعاهديا وليس قانونا عرفيا. غير أن مؤلف هذه المقالة يرى على خلاف رأي المحكمة أن هذه الأحكام المحددة, بالنظر إلى ارتفاع مستوى العتبة المحددة, لا تضيف شيئاً كثيراً من ناحية حماية البيئة لما توفره القواعد العرفية التي أكدتها المحكمة. قانون الدفاع عن النفس على مدى قرنين من الزمن على الأقل كان من المسلمات المطلقة أن القانون الدولي الإنساني ينطبق بالتساوي على جميع أطراف النزاع, بصرف النظر عن أي منها يتصرف من موقف الدفاع عن النفس; وقد تأكد ذلك من خلال ممارسات الدول على مدى زمن طويل واعترفت به الكتابات القانونية على النطاق العالمي. وكانت نقطة الخلاق الوحيدة هي ما إذا كانت القيود التي ينطوي عليها قانون الدفاع عن النفس – أي الضرورة والتناسب بالمعنى العام, تنطبق, في النزاع المسلح, بالإضافة إلى القيود المحددة للقانون الإنساني. وقد أثيره هذه النقطة أثناء وضع دليل سان ريمو بشأن القانون الدولي المنطبق على المنازعات المسلحة في البحار, الذي يتضمن قسماً عن تأثير قانون الدفاع عن النفس في قانون الحرب البحرية (58). وقد احتج معظم الخبراء بأن قيود قانون الدفاع عن النفس تنطبق بالإضافة إلى قيود القانون الإنساني, وهذا هو ما كتب في الدليل, بينما احتج خبراء آخرون بأنه متى أثيرت ضرورة الدفاع عن النفس, فإن القيود الوحيدة التي تطبق هي القيود التي نص عليها القانون الإنساني (59). وقد ذكرت المحكمة في تحليلها العام للقانون, في الفقرتين 41و 42 من فتواها, أنها ترى أيضاً أن قيود هذين المجالين من القانون تنطبق على حد سواء: " إن إخضاع ممارسة حق الدفاع عن النفس لشرطي الضرورة والتناسب هو إحدى قواعد القانون الدولي العرفي. ولكن في الوقت نفسه, فإنه لا بد لاستخدام القوة بصورة متناسبة طبقا لقانون الدفاع عن النفس, أن تستوفي أيضا, لكي تكون مشروعة, متطلبات القانون المنطبق في النزاع المسلح, الذي يتضمن بصفة خاصة بمبادئ وقواعد القانون الإنساني " (60). ولو كانت الفتوى قد واصلت تطبيق هذا التصريح, لما أثار الحكم ذلك الجدل والنقد في الدوائر الأكاديمية. ومما يؤسف له, أنه يكفي النظر إلى الفقرة 2 هاء من الخاتمة التي أصبحت شهيرة الآن, والتي بعد أن ذكرت في الجزء الأول منها أن من شأن استخدام الأسلحة النووية أن يكون مخالفا بصفة عامة للقانون الإنساني, مضت لتقول في الجزء الثاني منها إن " المحكمة لا تستطيع أن تستنتج بصورة قاطعة ما إذا كان استعمال أو التهديد باستعمال الأسلحة النووية مشروعا أو غير مشروع في الحالة القصوى للدفاع عن النفس, عندما يكون بقاء الدول نفسه مهدداً " (61). وكما ذكر من قبل, فإن الآراء الفعلية للقضاة أنفسهم لا تتماشى في الواقع مع هذا الجزء من الفتوى, (62) لكن مؤلف هذه المقالة لن يعلق على سبب صياغة هذه الفقرة على هذا النحو. إن الوسيلة الوحيدة التي تجعل التصريح الوارد في الفقرة 2 هاء متفقاً مع ما أعلنته المحكمة في الفقرتين 41 و 42 هي ما ذكرته القاضية هيغنز في تحليلها الإيجابي الصرف وهو أنها ترى أن الأسلحة النووية ليست عشوائية بالضرورة بطبيعتها, وأن استخدامها في ظروف قصوى معينة لا يتعارض مع قاعدة التناسب أو قاعدة حظر المعاناة غير الضرورية للمقاتلين. غير أن أغلبية القضاة وجدوا بالفعل أن الأسلحة النووية غير مشروعة بطبيعتها بمقتضى القانون الإنساني وأعلنت القاضية هيغنز رأياً منشقاً. والتفسير الآخر الوحيد, وهو أن القانون الإنساني لا يعد يطبق في حالات معينة للدفاع عن النفس, لا يتعارض بشكل صارخ وحسب مع البيان المذكور في الفقرتين 41 و 42, وإنما أيضاً يشبه على نحو خطير تطبيقاً للمذهب المرفوض الذي يقضى بأن الغاية تبرر الوسيلة. وهذا المذهب الذي يقضي بأنه يمكن في الظروف القصوى للخطر إغفال تطبيق قواعد القانون الإنساني من أجل مواجهة الخطر, قد رفضته محكمة نورمبرغ في قضايا بيليوس وميلخ وكروب (63). ويفترض أنه لتقييم العلاقة بين قانون الدفاع عن النفس والقانون الإنساني يكون من المنطقي بدرجة أكبر الاستناد إلى البيان الوارد في الفقرتين 41 و 42 من الفتوى, بدلا من اللبس والطريقة الاصطناعية التي صيغت بها الفقرة 2 هاء من الاستنتاج. خاتمـــــة إن فتوى المحكمة ولا سيما إذا نظر إليها جنباً إلى جنب مع مختلف الآراء المستقلة والمنشقة, غنية بالتصريحات والتفسيرات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني والعلاقة بين هذه المجموعة من القانوني ومجالات القانون الدولي الأخرى. ومن المؤسف أن تضيع هذه التصريحات والتفسيرات بسبب الجدل الذي أحاط باستنتاجات الفتوى بشأن الأسلحة النووية. وعلى الرغم من أن مؤلف هذه المقالة, كما يتضح من تعليقاته, غير راض عن صياغة الاستنتاج الوارد في الفقرة الفرعية 2 هاء من الفقرة 105 من الفتوى, فإن الفتوى ستظل ذات أهمية بسبب إسهاماتها الأخرى في تعزيز القانون الدولي الإنساني. الحواشـــي 1. The most extensive analysis of this nature was made in: International Court of Justice, Legality of the threat or use of nuclear weapons , Advisory Opinion of 8 July 1996, Dissenting Opinion of Judge Weeramantry. 2. Opinion, para. 75. 3. Ibid., para. 81. 4. Ibid., para. 82. 5. Ibid., para. 84. 6. Ibid., para. 78. 7. Ibid. 8. The only case in which attacks by nuclear weapons were analysed by a court in the light of international law was the Shimoda Cas e (Tokyo District Court 1964, reprinted in International Law Reports, vol. 32, 1966, p. 626). The judgement is summarized and analysed by R. Falk, "The Shimoda Case: a legal appraisal of the atomic attacks upon Hiroshima and Nagasaki" , AJIL, vol. 59, 1965, p. 759. The District Court did not analyse the meaning of an indiscriminate weapon as such, but did look at the lawfulness of indiscriminate bombing as a method of warfare. However, it referred to the law applicable at the time and this involved the outdated distinction between bombing defended and undefended cities — a concept only really relevant in the context of open cities. 9. Declaration of Judge Bedjaoui, President, para. 21. 10. Separate Opinion of Judge Guillaume, para. 5. 11. Opinion, para. 78. 12. Dissenting Opinion of Judge Higgins, para. 24. 13. Ibid. 14. Separate Opinion of Judge Guillaume, para. 5 (ICRC translation. French original: " ... le droit coutumier comporte une seule interdiction absolue: celle des armes dites " aveugles " qui sont dans l'incapacité de distinguer entre cibles civiles et cibles militaires. Mais à l'évidence les armes nucléaires n'entrent pas nécessairement dans cette catégorie " .) 15. Dissenting Opinion of Vice-President Schwebel. 16. This is quite different from a bullet or missile which misses its intended target or the side effects of conventional bombs. This definition of an " indiscriminate weapon " would clearly cover bacteriological weapons and, in general, poison gas. 17. Opinion, para. 35. 18. Ibid., para. 95. The " requireme nts " referred to in this sentence were the prohibition of " methods and means of warfare which would preclude any distinction between civilian and military targets or which result in unnecessary suffering to combatants " . 19. Separate Opinion of Judge Fleischhauer, para. 2. 20. Declaration of Mr Bedjaoui, President, para. 20 (ICRC translation. French original: "Les armes nucléaires paraissent bien — du moins dans l'état actuel de la science — de nature à faire des victimes indiscriminées, confondant combattants et non-combattants... L'arme nucléaire, arme aveugle, déstabilise donc par nature le droit humanitaire, droit du discernement dans l'utilisation des armes" ). 21. Declaration by Judge Herczegh, page 1, second paragraph (ICRC translation. French original: "Les principes fondamentaux du droit international humanitaire, correctement mis en valeur dans les motifs de l'avis consultatif, interdisent d'une manière catégorique et sans équivoque l'emploi des armes de destruction massive et, parmi celles-ci, des armes nucléaires" ). 22. It is arguable that anti-personnel landmines are indiscriminate in nature on the basis of both tests: first, because they cannot actually be targeted at military objectives for they are placed in advance on the assumption that combatants may pass in that direction; secondly, because they frequently have unforeseen effects, especially when they move from their original emplacement by the effects of the weather. 23. Dissenting Opinion of Judge Higgins, para. 21. 24. Dissenting Opinion of Vice-President Schwebel, paras. 23 and 24. 25. Ibid., para. 25. 26. See, for example, the Dissenting Opinio n of Judge Weeramantry, page 84, para. (xi). 27. See for example, Louise Doswald-Beck, " New Protocol on Blinding Laser Weapons " , IRRC , No. 313, May-June 1996, p. 272. 28. Opinion, para. 78. 29. The difficulty is that the unnecessary suffering rule means that the weapon is prohibited without the need for a treaty. This deters States, especially those which had developed the weapon, from declaring such unlawfulness, but they may be willing to ban a weapon arguing that such a ban is purely treaty-based. There can be no doubt, however, that the motivation for agreeing to a ban stems from an assessment that the normal military utility does not justify the weapon's adverse effects. 30. Dissenting Opinion of Judge Higgins, para. 12. 31. Opinion, para. 95. See footnote 18 above. 32. Separate Opinion of Judge Fleischhauer, para. 2. 33. Declaration of Mr Bedjaoui, President, para. 20 (ICRC translation. French original: "causent des souffrancesinutiles" ). 34. See footnote 21 above. 35. Dissenting Opinion of Judge Shahabuddeen, paras. 19-21. 36. Dissenting Opinion of Judge Koroma, p. 11. The Tokyo District Court in the Shimoda Case found atomicbombs to be a violation of this rule on the same reasoning, see Falk, op. cit. footnote 8 above , p. 775. 37. Dissenting Opinion of Judge Weeramantry, p. 48. 38. Dissenting Opinion of Judge Weeramantry, pp. 56-58. 39. Dissenting Opinion of Judge Koroma, p. 11. 40. See, for ex ample, a debate on the influence of the Martens Clause by a group of experts during discussions on whether blinding laser weapons should be considered illegal or in any event should be banned: Blinding Weapons: Reports of the Meetings of Experts convened by the International Committee of the Red Cross on Battlefield Laser Weapons, 1989-1991 , ICRC, 1993 pp. 340-341 and 344-346. 41. Opinion, para. 87 42. Ibid. , para. 78. 43. Ibid ., para. 86. 44. Dissenting Opinion of Judge Shahabuddeen, pp. 22-23. 45. Dissenting Opinion of Judge Weeramantry, pp. 41-43. 46. Although not actually brought up in the Opinion, a number of judges did discuss the relevance of the Lotus Case (PCIJ, 1927; a case concerning criminal jurisdiction as a result of a collision at sea). Judge Guillaume cited this case favourably in order to make his point that in humanitarian law, States choose to prohibit weapons by treaty, and if not so prohibited, they are lawful (para. 10 of his Separate Opinion). However, President Bedjaoui, in his Declaration, stressed that he voted with the Opinion only on the understanding that what was not prohibited was not necessarily allowed; international society had changed dramatically since 1927, being now far more closely knit (paras. 10-15). This view was supported by Judge Shahabuddeen (pp. 13-14), and Judge Weeramantry added that the PCIJ would never have imagined such a use for its statement, especially in the light of the Martens Clause (pp. 45-46). 47. Opinion, para. 78 48. Additional Protocol I of 1977, Art. 51, para. 2. 49. Ibid ., Art. 40. 50. Opinion, para. 25. 51. In a case before the Inter-American Commission of Human Rights, relating to the bombardment of a hospital in an armed conflict, the plaintiffs asked the Commission to interpret the " right to life " in the light of humanitarian law rules. See D. Weissbrodt and B. Andrus " The Right to Life during Armed Conflict: Disabled People's International v. United States, 29 Harvard Int.L.J.,1988, p. 59. A similar request was made before the same Commission in case number 10.573. 52. See, for example, the case of Cyprus v. Turkey (Council of Europe, European Commission of Human Rights, Decisions and Reports, vol. 72, p. 5), in which the Commission found a violation of Article 5 of the European Convention on Human Rights (right to liberty and security of person) in the case of persons missing during and after an armed conflict, and did not interpret this Article in the light of relevant provisions of the Geneva Conventions. Similarly, Loizidou v. Turkey (judgement of the Court, 18 December 1996) relating to northern Cyprus, in which the Court found a violation of the right to property and did not consider equivalent provisions in the Fourth Geneva Convention although it based the responsibility of Turkey under the European Convention on its military occupation of northern Cyprus (paras. 52 and 54 of the judgement). 53. Opinion, para. 29. 54. Ibid ., para. 30. In this context, the Court cited approvingly Principle 24 of the Rio Declaration, which provides that " [w ] ar is inherently destructive of sustainable development. States shall therefore respect international law providing protection for the environment in times of armed conflict and cooperate in its further development " . 55. See, for example, ICRC Guidelines for Military Manuals and Instructions on the Protection of the Environment in Times of Armed Conflicts, 1994, submitted pursuant to UN General Assembly Resolution A/RES/48/30 of 9 December 1993, see IRRC , No. 311, March-April 1996, pp. 230-237; also paragraph 13 (c) of the San Remo Manual on International Law Applicable to Armed Conflicts at Sea, published by Cambridge University Press together with a commentary entitled " Explanation " , IIHL, 1995 (ed. L. Doswald-Beck), p. 87. See also other provisions relating to the environment: paras. 11, 34 and 44 and commentary on them on pp. 82-83, 108-109 and 119-121 respectively of the Explanation. 56. Opinion, para. 32 57. Ibid ., para. 31 58. San Remo Manual, 1994, Section II paras. 3-6. Some of this argument is reflected in the travauxpréparatoires in Bochumer Schriften, No. 24, pp. 133 -206. 59. Op cit ., footnote 52, pp.75-78. 60. Opinion, paras. 41 and 42; text in italic in para. 42 61. Opinion, para. 105, sub-para. 2E. 62. Of the seven judges who voted in favour of this finding, four stated in their Separate Opinions that the use of nuclear weapons was clearly illegal, applying the rules of humanitarian law (Judges Bedjaoui, Ranjeva, Herczegh and Fleischhauer), and a fifth found them to be illegal in customary law (Judge Ferrari Bravo). Of the seven who voted against, three thought that their use might be legal within humanitarian law in certain extreme circumstances (Judges Schwebel, Guillaume and Higgins), three considered their use to be alwa ys illegal under humanitarian law (Judges Shahabuddeen, Weeramantry and Koroma) and the seventh (Judge Oda) thought that the Court should not have given an Advisory Opinion. 63. A fact pointed out by Judge Weeramantry, Dissenting Opinion, pp. 81-82. It is also worth mentioning that Judge Weeramantry was the only judge to analyse whether a use of nuclear weapons in such extreme circumstances would realistically protect the State acting in self-defence and concluded on the basis of impressive authority that it probably would not (pp. 59-61).

متابعة قراءة #IRRC No. 321

المزيد حولمختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر, الأسلحة النووية